يحوى أقدم مصنع ل "البوظة" في الدلتا.. تعرف على "تل الفرخة الأثرى" بالدقهلية

صورة موضوعية
صورة موضوعية


" تل الفرخة " من التلال الأثرية الهامة بمحافظة الدقهلية، يقع بقرية غزالة بمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية. سمي بهذا الاسم نظرًا إلى أن هناك أسطورة منتشرة بين سكان قرية التل تذكر أنه كان هناك ديك يصيح أعلى التل كل يوم في الصباح الباكر ثم يختفي لذا سمي "بتل الفرخة".

تقول مى شريف العنانى مفتشة آثار الدقهلية باحثة دكتوراه أن " تل الفرخة" إكتشف بواسطة بعثة إيطالية زارت التل عام ١٩٨٧م، والتي كانت في مهمة علمية بالجزء الشرقي من دلتا النيل، والتي نجحت في الكشف عن عدة مواقع منها "تل الفرخة"، وقامت هذه البعثة الإيطالية في عام ١٩٨٨م_١٩٩٠م بحفر العديد من المجسات بالتل، وكشفت عن موقع استيطاني مبنى من الطوب اللبن يرجع لأواخر عصر ما قبل الأسرات، وحتى عصر الدولة القديمة. وفي عام ١٩٩٨م وحتى الآن عمل بالتل بعثة بولندية تابعة لجامعة كراكرف، ومتحف بوزنان.

وقسم تل الفرخة إلى ثلاثة أكوام (تلال): الكوم (التل) الغربي: وهي منطقة تصنيع الجعة، حيث عثر على أجزاء من أواني فخارية محاطة بما يعرف ب Fire dog وهو يشبه الطوب الأحمر، ولكن مخروطي الشكل، وترجع لعصر نقادة الثانية.

الكوم (التل) الأوسط: كشف به عن مساكن عبارة عن غرف بداخلها مواقد في أركانها، ومخازن للشعير، وأواني فخارية، ومطاحن ترجع لحضارة نقادة الثالثة، وحتى عصر الدولة القديمة. 

الكوم (التل) الشرقي: كشف به عن عدد من الدفنات البسيطة، وكانت الهياكل العظمية في وضع القرفصاء، وترجع لعصر ما قبل الأسرات، وبداية الأسرات. كما عثر على تمثالين من الخشب تكسوهما رقائق من الذهب، بالإضافة إلى إناء فخاري يضم مجموعة من تماثيل آدمية، وحيوانية، وآلهة مركبة من العاج، ومحفوظين جميعهم بالمتحف المصري.

وفي عام ٢٠١٧م عمل بموقع تل آثار الفرخة بعثة حفائر مصرية من منطقة آثار الدقهلية، وكشفت البعثة عن مصانع أخرى للجعة، بالإضافة إلى صلايات، وأواني فخارية، وعدد من السكاكين المختلفة الأحجام، والمصنوعة من الظران، مما يرجح أن المنطقة كانت تحوي أقدم مصنع للسكاكين المصنوعة من الظران. بالإضافة إلى العثور على عدد من الدفنات الآدمية البسيطة، والتي كانت عبارة عن غرفتين حيث تحتوي غرفة على الهيكل العظمي، والغرفة المجاورة لها تضم أواني فخارية ليستخدمهم المتوفى في العالم الآخر. كما عثر على دفنة حيوانية لكلب صيد من فصيلة السلوقية، والتي كان يمتلكها الأغنياء في العصور القديمة.

وتشير مى العنانى إلى أن الفرخة من التلال الأثرية الشهيرة بمحافظة الدقهلية، ويرجع سبب شهرته إلى أنه يحوي أقدم مصنع للجعة في الدلتا، والذي يرجع إلى عصر ما قبل الأسرات.

حيث كانت للجعة أهمية كبيرة في مصر القديمة، حيث استخدمت كمشروب في مصر القديمة، حيث تحتوي على قيمة غذائية عالية، فقد كانت مصدرًا هامًا للفيتامينات والمعادن، وبالتالي تمد الجسم بالطاقة والعناصر الغذائية الهامة، فقد اعتمد المصري القديم في غذائه على عنصرين رئيسين هما الخبز والجعة، كما كانت المخازن الملكية عامرة بقدور الجعة والنبيذ المختوم، وكانت تقدم الجعة كأجر أساسي للعمال، فعمال دير المدينة كانت رواتبهم عبارة عن حصص تموينية شهرية من القمح لصناعة الخبز، والشعير لصناعة الجعة. فكانت الجعة هي العملة الرسمية للمقايضة والدفع في مصر. بالإضافة لأهميتها الدينية فكانت تقدم كقرابين، فقد قدمت كقربان للمعبودة سخمت. وقد صورت مناظر صناعة الجعة على جدران المقابر المصرية القديمة، والتي ترجع لعصر الدولة القديمة، والوسطى، والحديثة.

وكانت تصنع الجعة عن طريق طحن الشعير، ثم عجنه، ووضع العجينة في قوالب، وتسخينها عند درجه حرارة معينة، ثم تقطع العجينة، ويوضع عليها ماء، أو ماء سكري ناتج عن نقع البلح، وتترك لتختمر، ثم تصفي، ويعبأ الماء المصفي في أواني فخارية.

لذا يلاحظ أن مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية تنتشر بها العديد من المحلات المُخصصة لبيع البوظة، حيث توارثت صناعتها من أجدادنا المصريين القدماء.

وقد اكتشف حديثًا مصنع للجعة بمنطقة أبيدوس بمحافظة سوهاج بصعيد مصر، والذي يرجع إلى عهد الملك نعرمر من الأسرة الأولى. بالإضافة إلى إكتشاف مصانع أخرى للجعة في الكوم الأحمر بأسوان، وفي المطرية، مما يدل على أهمية الجعة في مصر القديمة.

 

 

ترشيحاتنا